mardi 24 août 2010

قراءة في ديوان "قوافل الثلج" للشاعر المغربي عبد اللطيف غسري

قراءة في ديوان ''قوافل الثلج'' للشاعر المغربي عبد اللطيف غسري
بقلم: الأديب والناقد المغربي محمد محقق
قوافل الثلج أو عشق الشاعر المتدفق ينابيع من العواطف الجياشة تجاه المعشوق هو مقاربة منفتحة لشعر الشاعر المغربي عبد اللطيف غسري والمستهل بقصيدة( '' وتمرين بي'' إلى'' المتكالبون على رغيف الوقت'') فالرؤية الجمالية والتخييلية لهذه القصائد تبدو وكأنها قطعة موسيقية يسودها التوافق والانسجام اللذان يسموان بالنفس إلى مقامات البهجة والإنبهار، وهو يتألف من 96 صفحة من الحجم المتوسط ويتضمن 29 نصا شعريا من القصائد العمودية تتخللها نصوص تفعيلية ، وهذا الديوان تم إصداره عن مطبعة تبوك وهي الطبعة الأولى للكتاب الذي هو قطعة من حلم الشاعر الأثيل وتذكار أزلي لعلاقته بالحبيبة والطبيعة ولوحة الغلاف تعانق هذا البعد المكاني بما يتواشج في فضائها من مكونات بصرية كما أن العلاقة بين الشاعر والقصيدة العمودية التي ترجم من خلالها أحاسيسه ومشاعره الجياشة تجاه المعشوقة / الأنثى ، والطبيعة واللغة ، تعلو إلى مراقي العشق الخلاق المنسوج بحرير الحياكة الرؤيوية المغايرة والحلم المستشرف والممتد بين الإنتشاء والإفتتان، كل هذا جعلنا ندرك قدرة الشاعر على خلق روح الإنفعال العاطفي المتمثل في مناخ من الشعر الوجداني وهو بهذا صنع له عالما خاصا به حين استمر بتداخله العاطفي في طرح عشقه إلى معشوقته حيث طيفهالا يفارق مخيلته إذ هي دائمة الحضورفي رواحه وغداته وفي اختياره للعنوان '' قوافل الثلج '' الثلج/ الماء ، لأنه يمثل عنصر الحياة على سطح الكون,. . وبكل ما تحمله هذه التسمية ،. ماهي إلا تعبير يقوي هذه الرابطة ،وهي دلالة على الوحدة العضوية بين عشقه للأنثى وبين قوافل(كثرة) الثلج النقي الأبيض اللون الذي يدلّ على الطهارة والصفاء.وبين هذه الظاهرة الطبيعية للثلج المتواجد على رؤوس الجبال وبين القافلة التي تحمله من هناك لسقي بذور النبات/ شرايين القلب العاشق ، لهو تصوير جميل لعنصر الحياة بالنسبة للشاعرالذي يترجم أحاسيسه وهمساته وعشقه عبررسائل بيضاء للحبيبة كماء زلال يمده بمتعة الحياة ولباس ثوب العافية. . حين يعبر عن ذلك ب:
ولكن ثلج محياك ترجى ************* حياة على دربه أو منون
والشاعرفي استخدمه للطبيعة في شتى قصائده جاء لتثبيت تشبته بهذه العلاقة الطبيعية الشفافة المتمثلة في صفاء الحياة وبراءة سننها، مبرزا قدرته على تمثيل ما بداخله عليها إذ هي مرآة لعواطفه ومخاض روحه في عشقه لحبيبته مستخدما في ذلك رموزها بشكل مكثف في قصائده( الثلج ، النار، البحر ، سواد الليل ، السواحل ، الفراش ، الورد ، السماء ، الطيور ، الأشجار ، البجع ، النسيم ، العطر، المساء ، منازل ، الأنهار ، الموج ، النجوم ، القمر ، البدر،الظبي ..) .ولعل المتابع لقصائد هذا الشاعرالمبدع، يجد ما تحمله من عاطفة قوية تتغلغل في داخل القلب وتطرب لها النفس، ولعل قصيدتيه "قوافل الثلج و تتحدث ملء فم عبق " دليلٌ واضح على مدى صدق هذا التدفق العاطفي :
رذاذ التمنع في شفتيك شهي كطعم البنفسج في همسات الفراش.......
سأسكب قارورة الوجد
فوق سفوح الخيال وأرصفة القلب .......
.تهتز لضحكتها الغرف = جذلا وتهش لها السقف........
ونوافذ قلبي مشرعة = لنسيم تحمله السجف
وشموع الوجد ترافقه = فتضيء الروح وتنصرف
والعشق يحمل عادة على الشوق والصبابة والهوى النابع من جوف الروح وثغرة اللسان الذي ينفتح تلقائيا للتعبير مباشرة لهذا الهيام وجنون الحب الشيء الذي جعل شاعرنا يوظف كل الصور الدالة عليه ،والتي من خلال عناصرها أكسبت الديوان لغة تعبيريّة جديدة محتجبة في دلالتها ومتحوّلة في معانيها ومتداخلة في مقاصدها ، وهذا التفاعل الحاصل بين الشاعر وبين المشهد الطبيعي زاد من حيوية القصائد وقدرتها على التأثير؛ لما لها من الصدق في الإثارة وفي البناء والصياغة، فنجده يقول في مطلع القصيدة ''سيف الملامة''البدر لاتنتابه الرعداتأو يعتريه الخوف والرجفاتإلا إذا رعشت له أجفانهاأو اشرقت من ثغرها البسماتخنساء أطربها النسيم على الربىفتراقصت من شعرها الخصلاتحيث نلاحظ ثراء لغة الشاعر واتساع مروحة موضوعاته وخصوبة مخيلته ومايوحد هذه القصائد على تباينها هو مصدرها القلبي وجذورها المكانية الطالعة من هامات السحاب وغلالات الضباب وأحشاء تلك الجبال الشامخة والهضاب والأودية والبحر و.... ونتحسس بعضها من قصيدة تقاسيم على أوتار رملية وهمسات في آذان البحر وأنا شبح يختلي بالمرايا...
ركز الوهم حرابي ********** فوق هامات السحاب
حين سافرت دهورا********* في غلالات الضباب.........
أين مني شهقات ********** ملء أنفاس الروابي.......
ومتاهاتي وسبلي********** وفجاجي وشعابي...................................
لقلبي أن يحضن الموج .......
أن أركب الرمل فوق كثيب الحنين......
سألتك ياليل هل في رؤاك = غديفتدي يومه والغدا
وهل يسكن النجم برد الظلال = وقد بايعته الربى سيدا
فهذه مشاعر تصوغها مخيلة لاتنام ، دائمة التيه والترحال ، ترنو إلى توقيف الزمن وفتح باب الأمل ..
.المنى في عيني غابة أيك *********** والأسى في كفيك حزمة شوك......
تورد العمر مورد ليس فيه ********** غير تسهيد أو معيشة ضنك......
فخذي أسباب الوصال ، تعالي ********* إن أسباب البعد أولى بترك
مع تأمل الشاعر لأداته الشعرية المتمثلة في الهجرة الرمزية التي تحمل ملامح شبه صوفية والمرتبطة برمزية الليل وهدأة المساء منطوية على الخوف و التفاؤل اللذين يبسطان دلالتهما على مابعدها في عينيه العاشقتين وفي بهجة تجدد حياته ، حيث نجده يقول في قصيدته '' ما زلت أشرد في آثار راحلتي '' و '' أكفان العتمة ملء يدي''
منازل الدفء شتى ..كيف أحرسها ********* والثلج تلبسه ليلا ويلبسها
أنى مررت بها استشرفت طلعتها ********* في سورة الشوق حتى كدت ألمسها
......ما زلت أشرد في آثار راحلتي ****** أتجأر الآن أم أرقى فأنخسها
أريدها رحلة في جوف عاصفة **** هوجاء لا نصب في القلب يحبسها...................................
وأنوب وروحي هائمة ****** وأؤوب بقلب مبتهج
قمري ... مشكاتك مثبتة **** في باقة ليلي .. في الفرج
فأنا المولود على وتر **** ما حاجة شدوي للحجج
فالديوان قد أوصل الصورة التعبيرية للقارئ ،لما تحتوي عليه قصائده من جمالية وصور رائعة تستهوي النفس وتشد انتباهها خصوصا وهو يتغنى بالفراش وشدو الأطيار فنراه يقول :
رذاذ التمنع في شفتيك شهي
كطعم البنفسج في همسات الفراش ......
.وفراشة الشبق القريبة تنتشي = فتكاد تجذبنا اشتهاء تلبس....
.يثب الفراش الغض بين أصابعي **** يجتاحه خفر يشب تضرعا.....
.افرد جناحك ياهزاز تمنعا ********* للرفرفات نوافذ لن تشرعا......
وذري للبلبل نمرقة = حبلى يتوسدها الحلم.....
قالت عصافير الجنان غريرة = ومكانها الأشجار والعرصات
لو كان ربع العاشقين محصنا = تلقى على محرابه الصلوات....................
فاختياره للفراش هو ترجمة لعشقه المتنقل عبر أزهار قلبه وحدائق نفسه ، المحترق في معاناته ليهبه قربانا للمحبوبة ،بشدى العصافير المغردة لجمالها الأخاذ وطلعتها البهية والتواق للعيش تحت ظلها محتفلا بالحياة بجانبها... و في الختام نجد أن قصائد الديوان في شكلها ومضمونها، رائعة ودفاقة بالرومانسية التي طغت على أبياتها و تمتاز بالتجديد الحقيقي، كما أنها، جسدت حس الشاعر، و صورت أفكاره وانطباعاته وأعماقه في اتصاله المباشر بالحياة ، كما أن كلماتها غاية في الرقة والشفافية والوضوح .والديوان هو بمثابة مجموعة من الثيمات (الحب والمرأة واللغة والطبيعة) والتي شغلت اهتمام الشاعر وعبر عنها بأحاسيسه ووعيه .وعندما تآزرت فيما بينها جعلت القصائد تتميز بعمل شديد التفرد والعمق والتأثير .محمد محقق

dimanche 8 août 2010

الحلقة السادسة من "مدرسة الشعر" للناقد والشاعر المصري أ. عبد الله جمعة: فلسفة الشاعر

الحلقة السادسة من "مدرسة الشعر" للناقد والشاعر المصري أ. عبد الله جمعة: فلسفة الشاعر

الشاعر عبد اللطيف غسري

نتناول في هذا الفاصل مجموعة من زوايا الرؤية التي يتخذ منها الشاعر وجهة نظر في مواجهة واقعه الشعري محاولين تطبيق كل فلسفة من خلال نص شعري من شعراء القناديل قدر الإمكان حتى يكون الأمر قريبا من تفاعلنا ...
1 – فلسفة الشكوى : وهي واحدة من دوائر النضج الفكري الشعري تتولد من الصراع النفسفكري بين الشاعر وواقعه الشعري وفيها يتبنى الشاعر قيم الشكوى وعدم الرضا والسخط المستمر على كل ما يواجهه من مثيرات في هذا الواقع وفي هذه الدائرة يقوم الشاعر بتركيز تصويره على أدق تفاصيل الواقع القبيحة من خلال شكواه المستمرة متهما الواقع المحيط بفعل كل منتقص مفندا نواقص هذا الواقع وهذه الطبيعة الشعرية ترتكز على تضخيم المشكلة التي يتناولها في تجربته وتعد هذه الفلسفة خيطا يمتد عبر أغلب تجاربه على تنوعها وتقلبها ومن ثم يمكن وصف هذا الشاعر بالشاعر الشكّاء ومن هؤلاء الشعراء الذين دخلوا تلك التجربة بقوة وقاموا بملئها الشاعر الكبير ( عبد اللطيف غسري ) وسوف نتحقق من معالم تلك الفلسفة من خلال تعرضنا لبعض من نصوصه محاولين تحقيق معالم تلك الفلسفة من خلال نصوصه . من قصيدته ( قدر القصيدة ) :
أنينُ الحَرفِ في السَّحَرِ انْشِغالُ
بِـآلامِ القصِـيـدَةِ وَابْتِـهَـالُ
ولِلكلمَاتِ في وَصـفِ اللآلـي
جنوحٌ بالبَيَـانِ لـهُ اشْتغـالُ
فإن صَدَحتْ قرَائحُنا ببَعـضٍ
منَ الأشجانِ يرسُمُهُ الجَمَـالُ
فما كنَّـا علـى وَتـرٍ وقوفًـا
ولا أغرى جوانِحنَـا الـدلالُ
ولكنْ بَهجة ُ الشعراءِ فـي أن
يقولوا ما يَضيقُ بـه المَقـالُ
فكيفَ نُلامُ مِمَّنْ ليسَ تُرْعَـى
لهُ في الشِّعر نُـوقٌ أو جِمـالُ
وكيف يُقالُ ليـسَ لنـا ذِمـامٌ
وكيفَ يُقالُ فُـكَّ لنـا العِقَـالُ
وإنَّـا لا نبَـالـي باعْتـقـادٍ
ولا مَا تستقيـمُ بـه الخِـلالُ
إذا عَنَّتْ لنا بيـضُ القوافـي
على كثبٍ أوِ انْفتَـحَ المَجـالُ
لزرْعِ غيَاهبِ الأوقاتِ بِشْـرًا
فيُصبِحَ للوجـودِ بـهِ اكتمـالُ
وتلـكَ مقالـة ٌ لِلجَهـل فيهَـا
نـزُوعٌ واحتِبَـاءٌ واتِّـصـالُ
قديمًا أبْـرَقَ الجُعْفِـيُّ قـولاً
إلى مَن في مَدَاركِهِ عُضـالُ:
"ومن يكُ ذا فمٍ مُـرٍّ مريـضٍ"
فلا يَحلو لهُ المـاءُ الـزلالُ*
بِزندَقـةٍ قـدِ اتُّهِـمَ المعَـرِّي
ولمْ يكُ فِي الضمير لها احتمالُ
أدِينَ بمِثْلِِها الحَسَنُ بْنُ هانِـي
وقِيلَ لَبِئسَ قَوْلُـكَ والخِصـالُ
وبَعضُ النَّاسِ ليسَ لهُمْ عقـولٌ
فتُدركَ ما يَقولُ بـه الرجـالُ
فكيفَ إذا أتى الشعـراءُ يومًـا
بقولٍ لا يُحيـط بـهِ الخيـالُ
ترَاهمْ يَنظرونَ إلـى قُشـورٍ
لهَا عَن زُبْدَةِ المَعنى انْفصـالُ
ويَنتبذونَ عَـن عَمْـدٍ مكانًـا
قَصِيًّا في الجَهالـة لا يُطـالُ
فَذا قدَرُ القصِيدَةِ ليتَ شعـري:
عروسٌ لا يَطيبُ لهَا الوصالُ
الشاعر في هذه القصيدة يحاول أن يرسم لنا ما آل إليه قدر القصيدة من هوان على يد من لا يرعون للشعر حرمة ولا يقيمون لرحم الشعر وزنا حيث يسيطر بعض من لا يملكون حسا نقديا أو دعما معرفيا على دائرة الشعر فيطلقون أحكاما لا علاقة لها بالإبداع بل تنم عن جهلهم في تحويل مسار القصيدة بعيدا عما خلقت له وهذا هو الواقع الذي يتصادم معه الشاعر ومن ثم فقد أعد عدته وجهز أسلحة الشكوى التي يمتلكها ودخل دائرته الفلسفية التي تمثل وجهة نظره وبدأ في عرض تفاصيل تلك الشكوى الممثلة في : أولا : مدى المعاناة التي يعيشها الشاعر في إنتاج الحرف الشعري وآلام المخاض الشعري العسر حيث يبدأ الأمر بالانشغال بأنين الحرف وتوجعه وكأن آلام الطلق الشعري قد بدأت تعلن عن ميلاد تجربة ولكي يعد تمهيدا منطقيا للشكوى القادمة في الأبيات التالية جعل ذلك الأنين في أكثر الأوقات التي يكون فيها الناس العاديون في حالات الاسترخاء ورفاهية النوم ولكن الشاعر في ذلك الوقت يكون قد بدأ مرحلة المعاناة الشعرية فهو يعيش نقيض ما يعيشه الناس ففي وقت راحتهم هو ساهر على تجربته يعاني من آلامها ووجعها وحين تتحرك دوافعه النفسية راغبة في التفجر باحثة عن ممرات تعبيرية مناسبة يبدأ الانشغال في البحث عن تلك الممرات الممثلة في المركبات البيانية والتي هي تمثل جنوحا من قبل الشاعر عن الواقع ومحاولة منه للالتفاف حول هذه الواقع لإعادة تصويره وبنائه في الحيز الشعري فيتحول الأنين والألم لدى الشاعر إلى جمال تتقبله ذائقة المتلقي فيستمتع هو على الرغم من أن من أنتج هذا الجمال كان يعاني تماما كالأم التي تتألم في المخاض وتعاني أشد المعاناة لتخرج وليدها بهي الطلعة كل من يراه يتعجب من جماله ؛ " أمن الألم تولد هذه الجمال ؟" ولكن من يراهن على جمال الوليد لم ير ولم يستشعر ضراوة الآلام التي مرت بها تلك الأم ( الشاعر ) في ولادة هذا المخلوق الجميل الممتع ... ثم يبدأ الشاعر في تبرير رغبة الشاعر في ممارسة هذا العذاب بكامل إرادته فهو لا يبغي من ورائها ثمنا اللهم إلا رؤية وليده في صورة صحيحة جميلة يعجب الناظرون لرؤيتها ... ثانيا البدء في عرض تفاصيل الشكوى : حتى الآن الشاعر يمهد لعرض خيوطه النفسية التي ستمثل زاوية رؤيته وهي ( فلسفة الشكوى ) فيبدأ الانطلاق نحو تلك الصبغة التي يصطبغ بها ( عبد اللطيف غسري ) في الكثير من قصائده وهي الرغبة في الشكوى المستمرة من هذا الواقع وتكون إشارة البدء لعرض تلك الفلسفة من أول البيت السادس , حيث يعلن عن تعجبه ممن لا يمتلكون حسا شعريا أو نقديا ويتعرضون باللوم لذلك المنتج وهم لا يدركون مدى معاناة الشاعر في تخريج ذلك الوليد المرهق وقد مرت شكواه في هذا البيت من خلال ثقافة عربية ضاربة بجذورها في التاريخ ممثلة في مثل عربي - تناص معه الشاعر بمهارة وإتقان - حين قال ( فكيف نلام ممن ليس ترعى - - - له في الشعر نوق أو جمال ) فأحال المعنى على الحكمة العربية حيث لا يحق لمن ليس له ناقة ولا جمل في الأمر أن يدلي بدلوه في مضمار ليس له فيه شيء .. [ وهذا ماكنت أعنيه في المحاضرة السابقة من (((الامتلاء الفكري))) ... وهي قدرة الشاعر على استدعاء ما يشاء من رافده المعرفي وقتما يشاء بأي حيثية يشاء ] ثم ينتقل الشاعر بين تفاصيل شكواه ممررا خيطه الفلسفي الشاكي في الأبيات التالية للبيت السادس من خلال الاستفهام التعجبي الذي جعل منه الشاعر صابغا لفلسفة الشكوى التي اصطبغ بها سائلا : فكيف نتهم بأننا ليس لنا ذمام من هذا الأخرق الذي لا يعرف قيمة العمل الشعري وكيف يتهمنا بالعشوائية الفكرية وأننا لسنا من أصحاب الاعتقاد ونحن الذين نكمل النواقص ولا تصبح للدوائر معان إلا بنا لأننا المتممون لتلك الدوائر فنحن بسمة اللذة في الوجود ونحن أمل التائه في صحراء النفس القاحلة , إن من يدعي ذلك علينا إنما هو جاهل موغل في الجهل ثم استدل من خلال ظاهرة التناص مع تراث شعري حيث اتهم من يقول هذا بمرض الفم وخبثه وعدم قدرته على صياغة الجمال أو التلفظ به ... ثم بدأ في استحضار الشعراء الذين يثبتون أن الشعر كائن مقدس ومحراب للزاهدين فجاء بالمعري وأبي نواس " الحسن بن هانئ " ذلك المتهم بالزندقة أليس قد ختم حياته زاهدا من أتقى الزاهدين والعبرة بخواتيم الأعمال وقد سُبِق بتلك التهمة من قبله المعري ... ( إن هذا ما عبرت عنه سالفا من الحديث عن الامتلاء الفكري عند الشاعر فلولا وجود هذا الجانب المعرفي بحياة المعري وأبي نواس في مخزون الشاعر ما استطاع جلب هذا المعنى الخالد الرقيق الشفاف ) وتتجلى هنا فلسفة الشكوى الظاهرة في شعر عبد اللطيف غسري وكأنها عرق رخامي يمر في حائط البناء الشعري للقصيدة واضحا جليا حين يبدأ في إلقاء اللوم على بعض الناس ممن ليست لهم عقول فيستقبلون قول ذلك الناقد المريض على علاته ويصدقونه فيكون هذا الناقد المريض قد شوه صورة الشعر دون أن يدري وبجهل مقيت .. ومن عيب هؤلا النقاد أنهم غير قادرين على الغوص في أعماق المعنى وإدراك ما وراء الكلمات فيشغلون أنفسهم بالقشور دون الغوص وراء الدرر الكامنة في قاع القصيدة الشعرية ثم يختتم بتلك الحكمة الرائعة الهائلة التي جسدت وكثفت هدف التجربة كلها إن القصيدة بين أيدي هؤلاء الأغبياء مثل العروس التي تزوجت ولكنها لم تنل من متعة الزواج شيئا وكأنها ( كالبيت الوقف ) كما يقول المصريون لم أكن من خلال العرض السابق أعني شرح الفكرة العامة للقصيدة فهي واضحة وضوح الشمس ولكنني مررت من بين افكارها لأبين كيف أن هذا الشاعر قد اتخذ من ( فلسفة الشكوى ) زاوية رؤية فكرية يرى من خلالها الواقع وسوف أستعرض جزءً أخر من تجارب للشاعر ( عبد اللطيف غسري ) محاولا تحقيق معالم تلك الفلسفة أو زاوية الرؤية أو وجهة النظر في مواجهة واقعه الشعري ومنها قصيدته ( إلى البحر أطوي كل موج ) وهي واحدة من الروائع التي نستدل منها وبها على معالم تلك الفلسفة التي تقوم على الشكوى يقول في مطلعها :
يَخُبُّ حِصَانُ الشَّمسِ والظلُّ واقِـفُ
وَأنتَ على تشْذِيبِ حُلْمِـكَ عَاكِـفُ
وَأوْراقُـكَ العَـذْراءُ سِفْـرٌ طَوَيْتََـهُ
وَمِنْ شَجَرِ الإحْسَاسِ فِيـهِ قطائِـفُ
وَلِلماءِ أُخْـدودٌ يَقـولُ لـكَ اقْتحِـمْ
عُيُونَ الشِّتاءِ الآنَ.. هَلْ أنتَ وَاجِفُ؟
إنه يبدأ بالشكوى إذ يقول ( يخب حصان الشمس والظل واقف ) لقد أحسست أمام هذه الجملة بأن الشاعر يصرخ إلى الداخل تاركا صدى الصوت هو الذي يخرج لنا مرتدا من داخله فإن ترك صراخه منطلقا إلى الخارج لأصبنا بالصمم من شدة صراخ الشكوى ... إن ( الخبب ) هو السير السريع فإذا خب الفرس نقل أيامنه وأياسره جميعا في العدوة الواحدة من سرعة العدو فصور الشمس جوادا ينطلق بسرعة مخيفة ثم مرر خيط الشكوى واللوم في قوله ( والظل واقف ) ويستمر في تفريغ شحنة الشكوى اللاحقة ( وأنت على تشذيب حلمك عاكف ) إن انفجار الشكوى كان مكمنه ( إنك تقوم بتهذيب حلمك الذي لم يعدُ كونه حلما والشمس التي هي رمز للحياة تتحرك بسرعة والظل الذي هو رمز لك مازال واقفا ... والمفارقة الرهيبة في أننا حين نرى الشمس تتحرك يكون المتوقع أن الظل يتحرك معها ولكن الشاعر أبى إلا أن يحقق التناقض في مفارقة غاية في الروعة والابتكار فجعل الظل تاركا الشمس واقفا لا يتحرك فالحياة تسير وأنت واقف ما زلت تسعى بحلمك إلى غاية الاكتمال لم تصل به إلى حيز الوجود بعد ...) إن الشاعر هنا يشكو ولكن ما قضية الشكوى المتفجرة في ذلك المطلع الذي هو بوابة الولوج إلى مضمون وهدف القصيدة ... ؟ إنها الشكوى من سرعة الحياة التي لم يعد المتقن المتأني قادرا على ملاحقتها ولم يعد له دور فيها ومن ثم فمن أراد ملاحقة الحياة عليه أن يخرج أحلامه منقوصة غير تامة أي يقتل ضميره ويسير على مبدأ الغش وتزييف بضاعته حتى يستطيع أن يواكب سرعة تلك الحياة ... إن الشاعر عبد اللطيف غسري تضج قصائده بالشكوى ولا يكاد يمر بيت علينا من قصيده إلا ولاحظنا تلك المسحة من الشكوى العارمة من كل شيء , كل شيء ... وتلك هي زاوية الرؤية الأولى التي أحصيتها في المحيط الشعري بعد طول بحث واستقصاء
انتظروني في الحلقة القادمة لمناقشة زاوية رؤية جديدة ومع شاعر آخر.
عبد الله جمعة

samedi 7 août 2010

قراءتان لنص (إلى البحر أطوي كُلَّ مَوج...) للشاعر عبد اللطيف غسري

قراءتان لنص (إلى البحر أطوي كُلَّ مَوج...) للشاعر عبد اللطيف غسري
إلى البحرِ أطوِي كُلَّ مَوجٍ...عبد اللطيف غسري


يََخُبُّ حِصَانُ الشَّمسِ والظلُّ واقِـفُ
وَأنتَ على تشْذِيبِ حُلْمِـكَ عَاكِـفُ
وَأوْراقُـكَ العَـذْراءُ سِفْـرٌ طَوَيْتََـهُ
وَمِنْ شَجَرِ الإحْسَاسِ فِيـهِ قطائِـفُ
وَلِلماءِ أُخْـدودٌ يَقـولُ لـكَ اقْتحِـمْ
عُيُونَ الشِّتاءِ الآنَ.. هَلْ أنتَ وَاجِفُ؟
دَعِ القَلَـمَ الـوَرْدِيَّ يَرْسُـمُ دَرْبَـهُ
زَوَاحِفَ ضَوْءٍ مـا لهُـنَّ حَرَاشِـفُ
وَكُنْ وَتَرًا لا يَسْـأمُ الليـلُ عَزْفَـهُ
وَكُنْ خَبَرًا فِي جَوْفِـهِ مِنـهُ طائِـفُ
أوِ اخْتَرْ وُقوفًا عِندَ ناصِيَـة اللظـى
هُنالِكَ جِسْـرٌ نـازحٌ بـكَ عَـارفُ
بِعَيْنَيْكَ فَجْرٌ أنـتَ تَنْـزِفُ طُهْـرَهُ
فَهَلْ شَهِدَ الرَّاءُونَ ما أنتَ نـازفُ؟
تجَلَّيْتَ فِي مَعْنى الحُضـورِ وَإنَّمَـا
حُضورُكَ طَيْفٌ فَي القراطِيسِ هَاتِفُ
ضِفَافُ الصَّدى تنزَاحُ.. أمْسِكْ ذُيُولهَا
إذا الصوتُ مَعْنًى لِلصَّدى وَمُـرَادِفُ
على عَجَلٍ أبْحِـرْ بِأشْرِعَـةِ الأنـا
لعَلَّـكَ فُلْـكَ الذكْرَيـاتِ تُصـادِفُ
تركْـتَ رَياحِينًـا هُـنـاكَ نَـدِيَّـةً
ـأتذكُرُهَا؟ـحيثُ الظنونُ عَواصِفُ
وحيثُ لِسَانُ الوقتِ يَجْـرَحُ حَرْفَـهُ
وحيثُ قُصَاصَاتُ السؤالِ صَحائِـفُ
مَتَى يَشْرَئِبُّ النَّجمُ مِن شُرْفَةِ المدَى؟
سُـؤالٌ لِأسـوارِ الإجَابَـةِ ناسِـفُ
وَنادَيْتَ عِشْتارَ القصيدةِ أنْ ضَعِـي
نسِيغَكِ فوقَ الجِذعِ، فالغُصنُ راجِفُ
ألم تعْلمِـي أنِّـي عَصِـيٌّ بنِينَـوَى
وأنِّيَ طَوَّافٌ عَنِ النهـرِ عَـازفُ؟
إلى البحرِ أطوِي كُلَّ مَـوجٍ وَطِئْتُـهُ
أليْـسَ لِأسْمَاكِـي لديـهِ زَعـانِـفُ
وإنِّّـي لَمَوْلـودٌ بِزاوِيَـةِ الـرِّضَـا
وَلَكِنَّ ظِلَّ الحُلمِ فـي القلـبِ وَارفُ
وَإنِّـي لِفَتـقِ الأمْنِيَـاتِ لَـرَاتِـقٌ
وإنِّـي لِنَعْـلِ القافِيَـاتِ لَخَاصِـفُ

قراءة الناقد والأديب المصري الكبير محمد عبد السميع نوح:
قال المرحوم الأستاذ الدكتور الناقد محمود الحسيني :" النقدُ اكتشاف وليس تفسيرا " وهو قول أؤمن به ، وإن النص الأدبي برأي أستاذنا الرافعي رحمه الله يُكتبُ بفكر ويُقرأ بفكر آخر .الشاعر هنا يجرد من نفسه ناقدا على المخاطب الذي قد يكون هو الشاعر وقد لايكون وليس هذا مهما .وما يجريه الشاعر على مخاطبه هو ما يجريه الناقد على نص أدبي .. أتكلم عن قصيدة تشبه مشية غزال .البداية صورة مرسومة لتدهش
:
يخب حصان الشمس والظل واقف = وأنت على تشذيب حلمك عاكف
الأصل والظل ، حركة الحياة ، إيجابية أو سلبية الإنسان في الحركة ، عالم المثال وعالم الواقع .. يستمر الدفق الشعري منتقدا بمنطقية الواقع الملبوس بالصورة والكناية ليتحول إلى شعر عذب ٍ قريب الرمز عميق الدلالة ، القصيدة تضع القارئ في موضع الاكتشاف أيضا ولا تتركه يتحير كثيرا ، فهي تشير بأصبع إلى الخيال والحلم من خلال رموزها وتشير بأخرى إلى مفاتيح فك هذه الرموز ، ومن خلال هذا الاختيار الذي يضعنا الشاعر ويضع مخاطبه فيه تتجلى أبعاد الصراع النفسي الدائر مابين دنيا تموج بالحركة والأحداث وبين شاعر تتناثر حياته على السطور وكأنه / الإنسان حبر على ورق ، وياله من تشبيه عميق الدلالة .اللغة ومفرداتها والموسيقى بإيقاعيها الداخلي والخارجي قدمت لنا كما قدمت في كل نصوص غسري شاعرا مطبوعا .. وهذه هي أهم ملامح هذا الشاعر الكبير .تنتظم القصيدة في حالة نفسية واحدة من اللوم أو العتاب الدافع حتما إلى الاستنهاض أو بالأحرى التحريض من أول بيت في وحدة موضوعية .نأتي إلى حركة الشمس وثبوت الظل ثم الأبحر والأنهار وكثير من جزئيات الطبيعة فنراها متناثرة في الأبيات في ترابط مشهدي واحد . وبتآلف العنصرين : وحدة الموضوع واتساق مفردات الصورة الفنية تنشأ الموسيقى الداخلية التي من خلالها نسمع وشيش الحركات سواء للماء أو الطيور والنجم والصوت والصدى .. إلخ .. ويتناسب بحر الطويل مع التجربة على اعتبار أن ليالي الانتظار طويلة .. كما أنه بحر رصين وغنائيته تتلون مع كثير من الحالات الإبداعية في مرونة عالية ..الشاعر عبد اللطيف غسري يطرق الذائقة دائما بكهرباء الشعور فيغريني بالكتابة ممسوسا بإبداعه المتميز ..
قراءة الأديب والناقد الفلسطيني الأستاذ محمد ثلجي:
الشاعر الحداثي مرآة تعكس واقعه وحاضره والطبيعة المتراصة أمام ناظريه .. من شجر وشمس وأقمار وسماء وبحر. ومن نفسه وإنسانيته وعلاقته مع الآخر. وحين يبوح بحرائق شعريته ويفجّر طاقاته المكنونة في دواخله ليلج الفضاء الأكثر عرضة للتأمل والانطلاق، تبتزه معالم الكون الداكنة المسودة .. ولذلك تصبح الاشياء التي لا تدركها الحقيقة محض تجربة عليه أن يخوض غمارها بالشعر أو النثر
.
يََخُبُّ حِصَانُ الشَّمسِ والظلُّ واقِـفُ .. إلى:
وَمِنْ شَجَرِ الإحْسَاسِ فِيـهِ قطائِـفُ
التجريب واستخراج الصور من الطبيعة يحتاج لنظرة شاملة وفاحصة وقادرة على تقريب الأبعاد وكسر الحواجز المادية والمحسوسة . وحين تمتزج الفلسفة الموضوعية مع الانزياح التخيلي وهما من غير الأقارب يكون النتاج سليماً معافى كما حصل في (يخب حصان الشمس ) و (شجر الإحساس ).. انزياح إضافي وتوقع مالا يُتوقع من المضاف والمضاف اليه. وكلاهما يرتعان في حقل رمزي متوحد في دلالته ومبتعد في أفق يفضي على الأغلب لعالم آخر ومدى أشد رحابة.
دَعِ القَلَـمَ الـوَرْدِيَّ يَرْسُـمُ دَرْبَـهُ / زَوَاحِفَ ضَوْءٍ مـا لهُـنَّ حَرَاشِـفُ
عندما يرهن الشاعر مفرداته وتراكيبه اللغوية للقيمة الفنية يكون الإبداع أكثر قوة ورصانة . فالمبنى اللغوي والصوري هما أدوات الشعر الحديث وعليه لا بد للشاعر الفطن أن يتوخى الحذر عند ممارسة طقوس شعريته انطلاقاً من هذين الضدين ( اللغة والصورة ) اللغة أو المبنى اللغوي الذي أحدثته جملة ( القلم الوردي يرسم دربه ) هي أشبه ما تكون مراوغة الخيال عن نفسه لتثبيت الأصل اللغوي أو المصطلح الأكثر فهم ووضوح عند القارئ . أما المبنى الصوري وقول الشاعر: ( زواحف ضوء ... ) الحركة والتنقل الطفيف هي سمة هذا البيت بالكامل وبالتالي إحداثيات الصورة وعلاقتها باللغة من قلم يتحرك ليرسم طريقه هي نفس حركة الضوء وما بين الحركتين دوافع ذاتية أو كما يطلق عليها طبياً حركة لا إرادية كما يتقلب المرء في نومه ويتنفس وما إلى ذلك .
وَنادَيْتَ عِشْتارَ القصيدةِ أنْ ضَعِـي = نسِيغَكِ فوقَ الجِذعِ، فالغُصنُ راجِفُ
ما الذي يريده الشاعر وسط عباب الصور المتآخية والمتلاحقة والمتدافعة على إظهار تجليات لحظة الكتابة والحركة اللا إرادية الناتجة عن الشعرية والنشاط الذهني والتدفق الوجداني . ما الذي يريده من عشتار ولماذا هذا الدخول غير المتوقع !! في الواقع هنالك ثمة أنثى تتربص من خلال النص ويمكن فهم ذلك من إضاءات خافتة مع التأكيد أن هذه الأنثى ليست امرأة بدلالة الجسد بل هي الخصوبة بدلالة التأويل والقصد.أي هي ربة الخصب التي تعيد للحياة سندسها وقيمتها العضوية الخلاقة.
وإنِّّـي لَمَوْلـودٌ بِزاوِيَـةِ الـرِّضَـا = وَلَكِنَّ ظِلَّ الحُلمِ فـي القلـبِ وَارفُ
الحقيقة هذا بيت عجيب بكيفية توظيف اللغة وتدويرها للخروج سليماً معبراً فاتناً.. يبدو أن الشاعر راضي كل الرضى عن طبيعة خلقه ومكانته بين أبناء جدته وهذا يدل على نقاء سريرة الشاعر وقلة رغبة في التحرر من كونه مخلوق على ما هو عليه. لأنه وكما جاء في العجز . أن أحلامه وارفة الظلال مطوية على أبعاد لا يتوقعها هو نفسه . في هذا التوحد تتجلى دهشة التصوير ويمكننا أيضاً أن نبنى على ما تم ذكره عن الملمح الأسطوري المتمثل بدخول آلهة الخصوبة ( عشتار ) ليجعلنا نتأمل قيمة وانزياح الصورة الملطقطة بتأهب الشاعر الدام وحثه لنفسه وشعريته ليصل أعلى المراتب وأجلها بدون إيعاز خارجي أو مساهمة مدفوعة بتأثيرات ما. ولكنها لا إرادية تنسجم مع طبيعة الموهبة وعظمتها. أخي الشاعر عبد اللطيف هذا جزء بسيط وبالكاد كشف عن بعض تجليات ورحابة هذا النص وتغلغله في الشعرية والحداثة ..

lundi 2 août 2010

« Snow Caravans », a poem collection by the Moroccan Poet Abdellatif Rhesri

Review of « Snow Caravans », a poem collection by the Moroccan Poet Abdellatif Rhesri
Written in Arabic By Mohamed Youb
Translated By Abdellatif Rhesri

When we read a literary work, we tend to feel it and get impressed with its themes, and there develops a link between the text (piece of creation) and the reader (critic). This intimate relation is built immediately after starting to read a literary work. The critic does not actually get into the realm of the text, but the text does, indeed, enter the critic’s dominion. This is an introduction to the relation with which I have got bound to the poem collection of the Moroccan poet Abdellatif Rhesri. The book is entitled « Snow Caravans » and is of 96 medium-sized pages.
Having read the book, I had a great urge to analyse it as it is still brand new and needs to be analysed many times. Besides, the poet is going through an interesting poetic experience that is quite matchless among modern poets. This experience has to do with the attempt to keep the classical form of the Arabic poem while sticking to modernity. I shall read the book, then, from two different perspectives ; from outside, talking about the form, and from inside, bearing in mind the impact it has on readers.
The structure of the poetic phrase in « Snow Caravans » is bound to a strange dynamism which the poet has managed to establish by insisting on the appropriate shape of each and every word in the poems. It is a sort of dynamism that blends the elements of place and time of the texts. This makes you think that you are facing one single space in which place and time co-exist in a sort of quietude imposed by the nature of the poet and the place in which most of these poems were written at first ; the town of Sidi Rahal. This town is not far from Marrakech ; the historic Moroccan city that is situated on the feet of the Atlass Mountains where nature is stunning with its beauty and fertility. Thus, the poet is found out to be in complete harmony with that nature and from time to time depicts it and makes it move, act and speak like a living creature. In the poem entitled « You Go Past Me », the poet makes use of strange paradoxes in depicting himself like a lover worn down by time and portraying the glamour of his beloved one who keeps on walking past him gracefully and coquettishly. Such a silent dialogue between the lover and his beloved one feels nature itself with admiration towards the beloved one’s coquetry and persistent gracefulness. Fro this purpose, the poet makes use of dichotomies that contribute to the establishment of this dynamism which gives additional value to the book.
Such dynamism invades each and every poem and grants it further diversity. Therefore, we see that the poet has created a quite ironical dialogue witnessed by the laughing rooms, the ceiling that is moved with extreme joy and the blue glass that glances at this dynamic movement and even intensifies it. The poem’s space, now, has turned into one of the poem’s characters. This huge change in the poem’s structure keeps on occurring and developing whenever we get into the poem’s details and it shows up quite clearly in the key poem that is entitled « Snow Caravans ». the latter is a rich poem teeming with nice metaphors that add glamour to the texts to the extent that it has established such a paradox taking into account that the « drizzle » falling from the mouth of the beloved one has become elusive. This is a highly created paradox that feels inanimate objects with vivacity and makes them move freely in the poem’s space. These are figurative expressions that have enabled language to burst out and shift to meanings other than the ones we usually grasp from a particular term.
The poet describes the snow coming from the nearby mountains as a soldier caravan coming from over there ; from nowhere, where snow is standing still in its place, not moving, but the image does move ; the one that is turned by the poet into a living thing raiding and killing without fight. It is a highly surreal and abstract mural signed by the poet Abdellatif Rhesri.
Also, the poem’s dynamism appears in the carefully selected titles. They are there, not by chance but to provide a sort of vitality and dynamism to the image of the poet’s psychological side and grant the poem such a tremendous amount of meanings and images.
When it comes to imagination, the poet does not make use of it for its own sake, but to convey an image that is long fixed in his mind to a cirtain level of imagination that brings it closer to reality. Imagination, then, in the poet’s view is bound to a reality overwhelmed with nature and its beautiful landscapes.
By sticking to rhymes and meters, the poet tries to reconcile the past with the present. He goes back to the past without getting submerged into it. He tries to invoke the language of the past and use it in an esthetic manner to raise modern issues and concerns. This he manages to do by adding a nice poetic touch to that language blending seriousness with pleasantry in raising issues. The « Snow Caravan »’s careful reader will feel the poet’s Marrakchi typical sobriety and humorousness through the terms used by the poet. These terms, despite being satirical, are far from being obscene or offensive for the reader. It is the language of a professor and poet who knows how to employ terms in their appropriate places. This is what we have noticed in this book of poems.
In addition to this, the book dynamism appears in the semantic use of the cover. The poet, whether intentionally or unintentionally, has chosen this cover that implies to the reader that snow is coming down from above as if to invade an underworld that is unable to engage in wars. It is a war of images that are deceptive for the reader who indulges in contemplating that war. The strength of the poet’s imagination appears in his imaginatively varied poems. In « Whispers to the Sea », for instance, we see how he woos the sea and whispers to him gently showing his tenency towards meditation and nice love. It is so much so that he wishes he could travel to it out of pure and true love. Here, we see how strong is the imagination that goes deeper into the nature of things, despite the fact that the poet’s access to the sea is considertably weak due to the fact that he lives in Sidi Rahal which is very far from the sea. Nevertheless, you can feel that the sea is dwelt by the poet, or rather the poet is dwelt by the sea.
« Snow Caravans » is another call from the poet Abdellatif Rhesri who goes through a considerable experience with classical poetry quite self-confidently and seriously. Thus, the reader feels that he is dealing with a great poet who goes his way in the path of Arabic classical poetry steadfastly, trying to improve general poetic tastes. His other main purpose is to draw a method of poetic writing that is both unique and challenging with the good meaning of the word.



قراءة في ديوان " قوافل الثلج" لعبد اللطيف غسري"
بقلم الأستاذ محمد يوب
عندما نقرأ عملا إبداعيا نشعر به ونتأثر بتيماته فيكون هناك ارتباط بين النص ،الإبداع و القارئ، الناقد ، هذه العلاقة الحميمية تبدأ مباشرة عند الشروع في قراءة عمل من الأعمال الأدبية .إن الناقد لا يدخل إلى عالم النص بل النص هو الذي يدخل إلى عالم الناقد ، كانت هذه الديباجة مقدمة للعلاقة التي ربطتني مع ديوان الشاعر المغربي عبد اللطيف غسري الموسوم ب" قوافل الثلج" الذي يقع في 96 صفحة من الحجم المتوسط.إن ما دعاني إلى قراءة هذا الديوان قراءة نقدية ، أنه مازال جديد الإصدار ، و أرضا بكرا يحتاج إلى المزيد من القراءات ، و أن الشاعر في هذا الديوان يخوض تجربة شعرية قل نظيرها عند الشعراء المعاصرين وهي المحافظة على القصيدة العمودية الموزونة دون الخروج عن أحداث العصر.وسأعمل على قراءته من زاويتين الأولى من حيث البناء و الثانية من حيث الخارج ، الذي يفرض نفسه على القارئ دون فصل الداخل عن الخارج .إن بنية اللغة الشعرية في ديوان قوافل الثلج مربوطة بحركية غريبة استطاع الشاعر تتبع تفاصيل الكلمات المشكلة لأثاث القصائد ، هذه الحركية التي تمزج بين فضاءات النصوص المكانية و الزمانية ، وكأنك أمام فضاء واحد يتعايش فيه الزمان مع المكان ، في نوع من الهدوء الذي تفرضه طبيعة الشاعر وطبيعة المكان الذي نسجت فيه أغلب هذه القصائد ، وهو فضاء سيدي رحال المجاور لمدينة مراكش المدينة المغربية القابعة في سفوح جبال الأطلس ،هذا الفضاء الذي تتحكم فيه الطبيعة وجمالها وخصوبتها . وبهذا تجد الشاعر يتناغم مع هذه الطبيعة ومن حين لآخر يجسدها ويحركها وكأنها كائنا حيا يتكلم .ففي قصيدة" تمرين بي" يستخدم الشاعر مفارقات غريبة بين تأثير الدهر في جسده المنهك وبهاء الحبيبة التي مازالت تتدلل وتتغنج ، هذا الحوار بين الحبيب و الحبيبة جعل الطبيعة تعجب بدلال الحبيبة التي مازالت في كامل رشاقتها ، مستخدما ثنائيات ضدية ساهمت في هذه الحركية الممتعة التي أضافت للديوان قيمة إلى قيمته . وهذه الحركية تتخلل كل مفترقات القصائد وتنوعها فنجد الشاعر يخلق حوارا فيه شئا من السخرية ، هذا الحوار الذي تشهده الغرف التي تضحك و السقف التي تهش جدلا ، و الكأس الأزرق الذي يرمق هذه الحركية ويزيد من تصاعد حركيتها .إن الفضاء هنا أصبح من بين الشخوص التي تزين أثاث هذه القصائد ، وهذا التحول في مستوى البناء يزداد تطورا وحركية كلما دخلنا في تفاصيل القصائد ويظهر بشكل جلي من خلال القصيدة المفتاح التي تعنون الديوان ، وهي قصيدة "قوافل الثلج" التي تزخر بتشبيهات جميلة تضفي رونقا وبهاء على النصوص إلى درجة أن الشاعر صاغ هذه المفارقة باعتبار أن الرذاذ الذي يخرج من فم المحبوبة أصبح متمنعا ، هذه قمة في المفارقة التي تجعل الجامد متحركا، يتجول بحرية في فضاء القصيدة ، إنها تعبيرات مجازية فجرت اللغة وجعلتها تنزاح إلى معان أخرى غير المعنى المعتاد الذي نفهمه من اللفظ.إن الشاعر يصف الثلج القادم من الجبال المجاورة و كأنه قافلة جنود قادمة من هناك ، حيث لا هناك هناك ، حيث الثلج قابع في مكانه لايتحرك ولكن الذي يتحرك هو الصورة التي خلق منها الشاعر كائنا حيا يغزو ويقاتل بغير قتال ، إنها قمة في السريالية و التجريد في رسم جدارية تحت إمضاء الشاعر عبد اللطيف غسري .كما أن حركية القصيدة تبدو من خلال الاختيار الدقيق للعناوين ، إنها لم تأت هكذا اعتباطية بل الغاية منها إضفاء روح الحيوية و الدينامية على الصورة المشكلة لنفسية شعرية و شاعرية اجتمعت في نفسية الشاعر و أعطت هذا الزخم الهائل من المعاني و الصور .إن الشاعر عندما يستخدم الخيال لا يستخدمه رغبة وحبا في الخيال ، بل يلجؤ إلى الخيال لنقل صورة راسخة في ذهنه من زمان ، ويحاول نقلها إلى مستوى التخيل لتبقى لصيقة بالواقع .إن التخيل عند الشاعر مرتبط بواقع تغلب عليه الطبيعة بخرير مياها بجمال أشجارها برونق وطيبوبة أهلها.إن اعتماد الشاعر في قصائده على الأوزان العمودية يحاول من خلالها عقد تصالح بين القديم و الحديث ، و الرجوع إلى الماضي دون الانغماس في هذا الماضي إنه يحاول استقدام لغة الماضي وتركيبها بشكل جمالي في مواضيع وهموم الحاضر، بأن أضفى عليها هذه المسحة الجميلة التي تجمع بين الهزل و الجدية في تناول المواضيع .إن القارئ و المتمعن في ديوان" قوافل الثلج" يشعر برزانة الشاعر وهزليته المراكشية من خلال توظيف كلمات فيها سخرية لكنها كلمات عفيفة أنيقة لا تخدش الحياء و لا تدفع القارئ إلى النفور و التأفف ، إنها لغة الأستاذ و الشاعر ، الذي يعرف كيف يوظف الألفاظ في أماكنها طبقا للمبدأ الأخلاقي لتوظيف الكلمة المناسبة في المكان المناسب ، فلكل مقام مقال هذا ما لمسناه في هذا الديوان الشعري.كما أن حركية الديوان تظهر من خلال التوظيف السيميائي للغلاف ، حيث إن الشاعر اختار عن قصد أو دون قصد هذا الغلاف الذي يوحي للقارئ وكأن الثلوج قادمة من أعلى إلى أسفل ، وكأنها تغزو عالما سفليا لا قدرة له على الحرب ، إنها حرب الصور التي تخدع القارئ من خلال تمثل هذه الحرب وهذا الغو.إن قوة الخيال عند الشاعر تبدو من خلال قصائده المتنوعة بتنوع درجات الخيال عنده فنرى في قصيدة "همسات في آذان البحر" كيف يغازل الشاعر البحر ويناجيه بكلمات معبرا فيها عن روح التأمل و الحب الجميل ، لدرجة أنه يتمنى أن يسافر إليه عشقا وحبا فيه ، فنرى بأن قوة استخدام الخيال الذي يغوص في أعماق الأشياء قوي جدا مع العلم أن علاقة الشاعر بالبحر ضعيفة جدا بحكم بعد منطقة سيدي رحال المراكشية عن البحر، و رغم ذلك تشعر بأن الشاعر يسكن البحر بل قل بأن البحر يسكن الشاعر.ديوان قوافل الثلج صرخة أخرى من صرخات الشاعر عبد اللطيف غسري الذي يخوض تجربة الشعر العمودي بنوع من الثقة في النفس وبنوع من الجدية ويشعر القارئ أنه أمام شاعر من العيار الثقيل ، الذي يخطو طريقه في مجال الشعر العمودي بخطى ثابتة، يرقى بالذوق القرائي عند المثقف العربي ، هدفه في ذلك رسم منهج في الكتابة الشعرية يتحدى بها من يريد المقارعة الشعرية ، المقارعة بالمعنى المدحي وليس بالمعنى القدحي.

Abdellatif Rhesri, the poet who holds the rein of the poem

Abdellatif Rhesri, the poet who holds the rein of the poem
Written in Arabic By Abdullah Gomaa
Translated By Abdellatif Rhesri

The « Lugha » (the Arabic word for language) is derived from « lagha » (twitter/ speak), so it refers to speech or the act of speaking.
Linguistically speaking, it was defined in various ways, the most well-known of which, perhaps, is what Ibn Jinni mentioned in his book entitled «Khassaiss » (Characteristics). He said, « Language is a set of sounds used by a particular people to express their feelings and wants ». this was followed by many other definitions set forward by a number of linguists. However, all these definitions had one thing in common ; that language depends on four main elements :
1- pronounced sounds 2- expressiveness 3- communicative usage 4- specificity
These are, approximately, the main elements that constitute the definition of language according to most linguists, though some modern definitions are expanded to include signs, facial expressions etc. however, we are only concerned with language as defined by Ibn Jinni and represented as a set of pronounced sounds giving vent to the feelings and wants of a particular people.
The question, now, is the following: If two human beings from two different « linguistic » regions were meant to meet together, not knowing the meanings of each other’s linguitic sounds, would there be any intellectual communicatin between them both ? Of course not. This is normal. What is not normal, however, is that two human beings from the same linguistic region, one of them pronouncing the sounds agreed upon by that region’s inhabitants, should meet together and fail to communicate intellectually with each other.
I wonder, now, what would cut off intellectual communication between them despite the fact that they pronounce the same lingistic sounds ? There must be some factors, other than linguistic contact, that caused a flaw in the communication system between them both. These factors are mainly :
1- The fact that one of them is unable to formulate phrases and sentences in a way that would invoke the other one’s reaction, even though the latter understood the meanings of the pronounced sounds.
2- The speaker’s lack of the power to cause amazement, which leads to the addressee’s uninterest.
3- The weakness of the other subsidiary sound effects, such as the musicality of the pronounced sounds, which is introduced in poetry through meters and rhymes. I emphasise the importance of tafiila (poetic foot) in poetry for those who claim to be modernists and deny the value of the foot in poetry and the fact that it is an essential element in the poetic sound.
4- Resorting to strange, rough and oddly pronounced sounds that make it difficult for the recipient to grasp the words in a right and conscious way.
Therefore, a conscious poet should abide by these principles in his poetic product, trying hard to employ his skill in reaching the recipient (reader) through the shortest way he can manage. This can never be achieved except by an experienced poet. Here, in Al-Kanadil, since I have signed up, I have been looking for that group of creative poets who handle their poetic mechanism so well and confidently that one may wonder what secret is there in this forum (Al-Kanadil) which is joined only by highly gifted poets ? It is still an unanswered question for me. The Web is full of literary forums, but no one can deny that this particular forum has a special glamour obtained from the fact that it has been joined by a number of highly talented and intellectually gifted poets.
One of these poets, in whose poetic product I am so interested that I do not really know what I should begin with when trying to analyse it, is the Poet Abdellatif Rhesri ; that well-talented poet who would make you feel, while reading him for the first time, like you are living in two contradictory worlds which he has managed to bring together in extreme harmony ; the world of classical poetry and that of poetic modernism. So, how has he managed to do that ?
Abdellatif Rhesri is blessed with many skills which I have mentioned ealier in this review :
1- His ability to formulate phrases and sentences in a way that would invoke the reader’s reaction.
For instance, he said in his poem (The Sword of Gossip) :
The night is kneeling down, moaning and feeling dejected
Did silence heel or open the night’s wound ?

This excerpt shows the poet’s ability to formulate a good arabic poetic sentence. He has insisted willingly and intentionally on putting a dhamma at the end of the word dhajar (boredom/exasperation) despite its almost adverbial significance which requires putting a fatha rather than a dhamma at the end of the word so that it becomes an adverb for the agent jathin (kneeling down). However, the agent itself produces the necessary moral fluidity, so the poet is in no need to resort to the fatha to denote the moral adverb, that is why he has kept the word dhajar related to the subject and, thus, turned the verb phrase VP into a noun phrase NP to retain the meaning’s consistency. Furthermore, the Dhamma is likely to broaden the meaning’s interval and render the expression a complex one consisting of two phrases, one of which is (the night is kneeling down) and the other one is (moaning and feeling dejected). Both are noun phrases (in the Arabic version), but the first one produces a sort of fluidity and movement, as it contains a verb derivative, whereas the second one is a pure noun phrase. The poet’s insistence on that phrase form is proof of his total awareness of the phrase’s significance. Besides, the expression’s interval is apt to get wider with two phrases rather than one and by turning the position of the word dhajar from a subject into an adverb. A poet, like this one, who is able to handle the meaning and term the way he wants knowing how to make the term serve the meaning, deserves to be an example for beginners. For, his abilities have been enhanced through long study, experience and constant practice.
2- His ability to cause amazement which makes the reader quite vigilant all the way through. This is shown in his good use of metaphors or even by striking the meaning in an astonishingly direct way that serves to retain the musicality of the term. Let us take an example to this from his poem (the Poem’s Fate) :
But the poets’ real joy is
To say that which no one could say

Here, he has finished the verse musically without finishing it in terms of meaning so that the recipient may remain focussed on the poetic event without the possibility to miss its threads or the possibility of potential digression.
3- The availability of musical effects in his poems that go side by side with the pronounced sounds and tend to support the meaning. In this case, the element of musicality turns the reader into a recipient of a « soundtrack » that goes in parallel with the poetic meaning. An example of this is the first verse in his poem (The Sword of Gossip) :
Gossip’s sword came to me, carrying its rust
While the night was blowing out its clay in its breaths

Here, the Poet has chosen the hamza followed by the linking letter ha / ‘h’ as a rhyme for this poem, and a complex kafia. Let me explain these three terms so that we may realise this poet’s mastery and ability to create a soundtrack through rhymes only. It is a tough job which he fulfills well to make the reader feel at ease.
The rhyme in the poem is the hamza which is a letter that produces a sort of explosive sound as I have said earlier.
The linking letter is the one that comes after the rhyme, and in the poem it is the letter ha /‘h’.
The complex kafia is the one that contains three consonants falling between two vowels.
I may be asked, « Why do you bother to explain these terms ? »
And my answer is the following : Imagine a car going at its extreme speed, then it collides with something and comes to a sudden halt causing a violent jerk to those riding it. Or I may even ask, « Do you remember the Cannon Toy game that used to be played in local festivals ? Do you remember when a man would push it with his utmost power, and it would eventually collide with an explosive matter causing a tremendous noise ? the kafia which Abdellatif Rhesri has used in the poem causes us to feel the same as I have explained in the two previous examples.
The complex kafia accelerates rhythm thanks to the three consecutive consonants that fall between two vowels, then comes to a sudden halt colliding with the linking letter ha / ‘h’, causing a violent jerk at the end of each verse. That jerk makes us come to our senses and get more vigilant to grasp the meaning of each verse so that we may get ready for the speedy journey through the following verse. Thus, the soundtrack of each verse is so strong that it goes in parallel with the meaning.
4- His deliberate avoiding strange, rough and oddly pronouned sounds, and constantly selecting ideal terms with harmonious sounds that keeps the recipient away from musical dissonance.
This is a brief highlight on some creative aspects of a poet whose poetry deserves to be read and analysed time and again.

26/07/2010



عبد اللطيف غسري شاعر يمسك بلجام القصيدة

عبد اللطيف غسري شاعر يمسك بلجام القصيدة بقلم: الشاعر والناقد المصري أ. عبد الله جمعة
اللغة : كلمة مشتقة من لغا يلغو إذا تكلم فمعناها الكلام . وفي اصطلاح علم اللغة : فقد عرفت تعريفات عدة أشهرها ما ذكره ابن جني في كتابه ( الخصائص ) حيث قال : " حد اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم " وقد وردت بعد ذلك تعريفات عدة على يد كثير من علماء اللغة إلا أن كل هذه التعريفات قد اتفقت على أن اللغة ترتكز على أربعة ركائز هي : 1 – أصوات منطوقة 2- أن وظيفتها التعبير عن أغراض 3- تعيش بين قوم يتفاهمون بها 4- أن لكل قوم لغة فهذه – تقريبا – هي الأركان التي يدور عليها تعريف اللغة عند جميع من عرفها وإن كانت بعض التعريفات الحديثة تتوسع فتدخل الإشارة وانفراجات أسارير الوجه وتقطيبها إلخ إلا أننا في بحثنا هذا معنيون باللغة التي هي كما عرفها ابن جني وجعلها في صورة صوت منطوق يعبر عن أغراض أقوام يتفاهمون من خلالها ... وهنا نقف على سؤال : إذا وقف بشريان من منطقتين مختلفتين في اللغة دون أن يعرف أحدهما مدلولات الأصوات اللغوية للآخر فهل يحدث بينها تفاعل فكري ؟ بالقطع ستكون الإجابة لا ... وهذا أمر طبيعي .. ولكن غير الطبيعي أن يقف بشريان من منطقة لغوية واحدة وأحدهما ينطق بالصوت المتعارف عليه بين أهل هذه المنطقة ولكن لا يحدث تواصلا فكريا بينهما , ومن هنا أتساءل : ما الذي قطع التواصل الفكري بينهما على الرغم من توحد المفاهيم الصوتية بين المتحدثين الاثنين ؟ إن أشياء أخرى دخلت غير التعارف الصوتي للمنطوق أحدثت خللا في المنظومة التفاعلية بينهما فالمدلول الصوتي للغة واحد بين الطرفين ولكن حدث قطع لصلة التفاهم ومن هذا الأشياء : 1 – عدم القدرة على تركيب أحدهما للجمل بصورة تستدعي تفاعل الآخر معه على الرغم من فهمه مفردات الصوت المنطوق 2- فقد ملكة الإبهار والإدهاش لدى المرسل ومن ثم فتور المستقبل عن الاستقبال 3- ضعف المؤثرات الصوتية الأخرى كالموسيقى المصاحبة للفظ المنطوق وفي الشعر تكون ممثلة في الأوزان والتفعيلات ومن هنا أنوه على قيمة الصوت التفعيلي في الصوت الشعري لمن يدعون الحداثة وينكرون التفاعيل حيث يفقدون أهم مقوما من مقومات الصوت الشعري 4- اللجوء إلى الأصوات الغريبة الشاذة ذات المخارج المتداخلة الخشنة والتي تعسر العمل على وعي المتلقي فتشوشه وتجعله خارج نطاق خدمة الاستقبال السليم لما في الألفاظ من غرابة ووحشة ومن هنا كان لزاما على الشاعر الواعي أن يحقق تلك المبادئ في منتجه الشعري ساعيا بكل طاقته أن يوظف مهارته في الوصول إلى المتلقي من أقصر السبل ولا يتأتى هذا إلا شاعر خبر واختبر وتفاعل واعتبر وهنا في القناديل مذ دخولي وأنا أتحسس طريقي إلى تلك الزمرة من الشعراء المبدعين الذين يقبضون على آلتهم الشعرية بإحكام وطمأنينة تجعل المرء يتساءل وما السر في هذا المنتدى الذي لا يجمع إلا تلك النوعية من الشعراء القادرين على بلوغ حالو السمو التعبيري ؟ حقيقة لم أصل إلى إجابة بعد ؟ فالويب تنتشر عليه المنتديات الأدبية ولكن حقيقة لا تقبل الجدل أن هذا المنتدى له رونق خاص في جمع هذا العقد الألق من الشعراء وذوي الفكر المتقد والبصيرة النافذة ومن الشعراء الذين شغلوني كثيرا بمنتجهم الشعري لدرجة أن ملكتني الحيرة من أي الزوايا أغوص في بحره الشعري ... الشاعر ( عبد اللطيف غسري ) ذلك الشاعر الرصين الذي يشعرك حين تطالعه أنك تعيش في عالمين متناقضين جمعهما في ألفة شديدة ؛ عالم الشعر التقليدي الرصين وعالم المعاصرة الشعرية ومواكبة معطيات العصر ... فمن أين أتت تلك المقدرة على الجمع بين هذين النقيضين ؟
إن عبد اللطيف غسري يقبض على ملكات عدة نوهت عنها في بدء قراءتي هذه وهي : 1 – القدرة على تركيب الجمل بصورة تستدعي تفاعل الآخر معه وأعني بالآخر المتلقي ومن ذلك : قوله في قصيدة سيف الكلام :
وَالليلُ جـاثٍ علـى أنَّاتِـهِ ضَجِـرٌ = هَل ضَمَّدَ الصَّمتُ جُرْحَ الليلِ أمْ نَكَأَهْ

والشاهد هنا قدرته على صياغة الجملة العربية حيث أصر على رفع كلمة ( ضجرٌ ) عن عمد وافتنان على الرغم من اقترابها من الحالية فإن جوزناها على الحالية نصبت فقلنا ( ضجرا ) حيث تصبح حالا لاسم الفاعل العامل عمل فعله " جاث " ولكن اسم الفاعل العامل عمل فعله أحدث السيولة المعنوية اللازمة فلم يحتج الشاعر إلى حركة الحال المعنوية فجمد لفظة ( ضجرٌ ) على الابتداء المتأخر ليحول الجملة من معنى الفعلية إلى الاسمية البحتة وما تحققه من ثبات في المعنى فضلا عن أن رفع الكلمة على الابتداء يفتح مساحة المعنى فيجعل من التعبير مركبا من جملتين إحداهما ( الليل جاثٍ ) والثانية ( على أناته ضجرٌ ) وكلاهما جملة اسمية ولكن الأولى أحدثت السيولة والحركة لما فيها من مشتق يقوم مقام الفعل في العمل ( جاث ) والثانية اسمية صرفة ( على أناته ضجرٌ ) وإصرار الشاعر دليل على وعيه التام بمدلول الجملة ومساحة التعبير الذي سيزيد اتساعا بجملتين بدلا من تضييقه باستخدام جملة واحدة وتحويل العمدة ( ضجرٌ ) المبتدأ إلى فضلة ( ضجرا ) على أنها حال ... وشاعر كهذا يمسك بزمام المعنى والمبنى معا عارفا كيفية تطويع المبنى لخدمة المعنى يقف أن يوقف عليه ويدرس شباب الشعراء كيف يمكن هذا التطويع الذي لم يتأتَ من فراغ وإنما من علم وطول دربة وممارسة شعرية 2- القدرة على إحداث الإبهار والدهشة مما يجعل المتلقي في حال من اليقظة الدائمة سواء بالالتفاف حول المعاني والبعد عن المباشرة أحيانا أو بالمباشرة المبهرة وإجادة توقيف المعنى مع مراعاة الوحدة الموسيقية ومنه قولهفي قصيدة ( قدر القصيدة ) :

ولكنْ بَهجة ُ الشعراءِ فـي أن = يقولوا ما يَضيقُ بـه المَقـالُ

أنهى البيت موسيقيا دون أن يتمه معنويا حتى يشغل المتلقي لمتابعة الحدث الشعري دون أن يتفلت منه أو يذهب مذهبا أخر وكأنه يشد المتلقي معه فلا يشعره بتمام المعنى إلا مع نهاية الوحدة الشعرية (البيت) 3- وجود المؤثرات الموسيقية إلى جانب صوت اللغة المنطوق كداعم ومؤثر خلفي للمعنى فيحيل النغم الموسيقي المتلقي إلى مستشعر بموسيقى تصويرية متفاعلة مع المعنى الشعري ومن ذلك في قصيدته ( سيف الكلام ) التي يقول في مطلعها :

سَيفُ الكلامِ أتانِي حامِلاً صَدَأَهْ = والليلُ يَنْفُثُ فِي أنفاسِهِ حَمَـأَهْ

لجوء الشاعر إلى قافية (الهمزة) ثم الإتيان بحرف الوصل ( الهاء ) ساكنا مقيدا والقافية ( متراكبة ) ودعوني أفصل القول في هذا المسميات الثلاثة حتى نعرف مدى التمكن الذي يمتلكه هذا الشاعر ليحدث موسيقى تصويرية من خلال القافية وحدها تستطيع أن تصله بالمتلقي فهو يرهق نفسه حتى يريح المتلقي في مسامعه ( الروي ) في القصيدة الهمزة وهي حرف ذو انفجار صوتي كما عبرت في موضع سابق ( الوصل ) الحرف الذي يقع بعد الروي وهو هنا هاء الضمير الساكنة ( المتراكب ) وهي القافية التي يقع فيها ثلاث متحركات بين ساكنين ويسألني سائل : ولم شغلت نفسك بتلك المصطلحات وشرحها ؟ أقول : ما رأيك في سيارة تسير بمنتهى السرعة ثم تصطدم فجأة فتتوقف إنها تحدث رجة عنيفة لمن يجلس في داخلها ... بل أقول : هل منا من يذكر لعبة المدفع التي كانت تمارس في الموالد ؟ حيث يقوم الرجل بدفعها بمنتهى القوة وفي نهاية المجرى تصطدم اصطداما عنيفا بمادة مفرقعة فتحدث دويا هائلا ؟ إن تلك القافية التي استخدمها ( عبد اللطيف غسري ) فعلت بنا هذا تماما كما مثلت في المثالين السابقين ... فقافية ( المتراكب ) سرعت الإيقاع بقوة المتحركات الثلاث المتتالية ثم ارتطمت فجأة بوقفة سكون على حرف ( الوصل ) الذي هو الهاء ليحدث اهتزازة تصادمية في آخر كل بيت تحيلنا إلى الإفاقة من التعاطي مع معنى البيت حتى نتهيأ لرحلة السرعة تلك مع البيت التالي حتى نصطدم مرة أخرى مع تلك القافية ( المتراكب ) السريعة المنتهية بحرف وصل ( الهاء ) ساكن فجاءت موسيقاه المصاحبة قوية تتوازى مع المراد إيصاله للمتلقي 4- البعد عن الأصوات الغريبة ذات المخارج الشاذة بل والسعي إلى انتقاء الفاظ متالية ذات مخارج صوتية متفاهمة مما لا يشعر المتلقي بحال من النشاذ الموسيقي لصوت اللفظ فجاءت مخارج أصوات الحروف متناغمة لا شذوذ فيها ولا نشاذ ... هذه مجرد إضاءة علىبعض زوايا الإبداع لدى شاعر يستحق العكوف عليه دهرا لاستخراج ما عنده من مكامن إبداع ولكن الزمان والمكان دائما ما يضيقان على استخراج كل الدرر عبد الله جمعة الإسكندرية الأربعاء 28 – 7 - 2010-07-29